لقد باع الوهم لكل مَن تقابله، حتى غدا تاجر أوهام لا تقاوم بضاعته أنثى مهما كانت قوتها. حالة النشوة التي تنتابها في الحب، والتي تجعلها تبيع كل ما تملك من ثروة كبريائها وكرامتها وميراث شرف عائلتها، لا تساوي تلك الحالة من النشوة التي تستبد به مع كل فوز على إحداهن في معركة الحياة، وكلما كان الفوز صعبًا كانت لذته أكبر، وجعلته يشحذ كل ألاعيبه السحرية وأفكاره التدميرية حتى يجهز على آخر ذرة من قوتها، ويتركها وقد نهب خيرات أرضها، وتركها خرابًا لا يصلح لعمران بعده. إنه رجل يخطف ببراعة الأسلوب وسحر الكلمات وصبر الصياد الخبير ما يستعصي حتمًا على غيره من الرجال الذين لا يجيدون العزف على أوتار قلوب العذارى، ولا يعرفون كيف يفكون شفرة امرأة تغلق أبوابها العصية، حتى صار محط غيرة وإعجاب غيره من الشباب والأقران الذين يغدون تلامذة في حضرة أستاذ في مدرسة الحياة، يتلمسون خطاه في المكر بكل أنثى تمر بطريقهم. يُجيد فن المسافة الذي يذيب أقنعة مقاومتها واحدًا بعد الآخر، ويرفع حرارة المشاعر المعتقة في خمر الرغبة الكامنة، حتى تواصل هي خلع أردية حيائها واحدًا تلو الآخر، لتكون ملكه بكامل إرادتها، بل وبشدة رغبتها تلف أغلاله الحريرية حول عنقها لتطوق عمرها به. يضع بذور الاشتهاء في طريق فريسته لتظل تلملم زهور الحب، وأطواق الياسمين، وتنتظر المزيد من الحب والأحلام على طول الطريق، حتى تصبح هي من تهرول إليه غير آبهة بالجمر الذي تسير فوقه نحو حتفها.