شرارة اندلعت، وَبَدَأَ كُلُّ شيء في عام 2017، ولو علم القاضي بجريرة حُكمِهِ الظَّالِم على ذلك المغمور، لتمنَّى لنفسه الموت قبل أن يحكم بذلك، فقد عانى القاضي وجميعُ مَن يَعملون في السِّجنِ بَعدَ إعدامِ ذَلِكَ الشَّخصِ أربع وثلاثون عامًا تتزايد لا تنقص، وكأن حياته بدأت بعد قصاصه، وذكره ارتفع بين الناس! كأنَّ العالم بِكُلِّ تَحُوُّلَاتِه اجتمع لِيَصُبَّ في خانة إحياء سيرة ذلك المدفون، الَّذِي عَاش مغمورا إلى لحظة إعدامه! كأن أنوثة البغي والمُحَصَّنَة اجتمعت لَتُظهِرَ خفايا القصة المدفونة! وَأَنَّ كَيدَ الخَبِيثِينَ والطيبين، اجتمع ليُنصِفَ إِنسانًا تحلَّلَ تَحتَ التُّرَاب! كأنَّ جُهُودَ الرِّجَالِ الرَّاشدِين والحمقى اجتمعت لتفتح في الأرض فوهة البركان الذي كان خاملًا، فانسكبت ناره على كل مساهم في تلك القضية، يموتُ مُنَاضِلٌ لِأَجلِهَا، ويحيا مقابل ذلك عشرة، كأنها قضية انكتب عليها اللانهاية! ما كان يُرى جَلِيّا أصبح ضبابيًا، ومن كان يدعي المحبة والمودة ظهر على أنَّهُ ألدُّ الأعداء، ومن كان يُظُنُّ بِهِ قِلَّةُ الاهتِمَام ظَهَرَ على أنه على خطى الوفاء والمحبة الصادقة يسير، وهناك مشهور ينظر لجمهوره بنظرة دونية ،وهناك جمهور يحتقر بعضهم بعضا أنهم يتابعون مشهورهم، وهناك المُتشرد في الشوارع ،ولديه من المال والبنين الكثير، وهناك مريض توحُّد يقترحُ على من يُعالجونه وصفته الطبية ،فيرفضونها له، وهناك فتاة تكره والدها كرها شديدا وهي لا تعرفه ،كأنَّه كره فطري، وتعيش للانتقام منه، وهناك فتاة تحبُّ من ربّاها دون أن تعيش معه ،وهكذا هي دائرة التناقض ! انجرف مع هذه الدائرة الجميع ماعدا سكارليت التي عاشت وحيدة بين الجُموع، ومُستَقِلَّة بنفسها بين النَّاس، وَبينَ جميعِ المُساعدات المعنوية التي تُقدَّمُ لَهَا. عندما أصبح عمر سكارليت 28 عام ؛ علمت أنَّها جُزءً من خُطَّةِ وفاء، لابد أن تُكلمها ،ولايمكن لغيرها أن يفعل ! و بعضُ الحَقَائِق لا تُظهِرُهَا إِلَّا مرور الأَعوَامُ المديدة.